|


فهد عافت
اعتذار متأخِّر جدًّا إلى تركي الحمد!
2017-12-05

 

 

 

الوجدانيّات ليست جزءًا من السياسة!،..

 

ـ أرض السياسة لا تصلح لزراعة شجر كلمات عاطفيّة للعزاء أو للتّسْلِيَة!،.

 

ـ السياسة لا هيَ أمسية شعرية ولا مهرجان شعبي ولا حتّى مؤتمَر!،.

 

ـ السياسة طاولة مفاوضات، وما يجري عليها لا يمكنه أن يكون كتابة قصيدة، ولا خطاب وعظ، ولا ملصقات إعلانيّة، فقط مواثيق وعهود واتفاقيات ذات بنود، وأسفل كل ورقة توقيعات أطراف!.

 

ـ كل ما يُلهب المشاعر بالحماس، والأيدي بالتصفيق، لا يدخل غرفة المفاوضات، وهو ليس مطروحًا في جدول التفاهمات، ولا أرى في شعار: "فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم" إلّا شعارًا تافهًا، ومهترئًا، وبلا قيمة!.

 

ـ لم يذبحنا طيلة هذه السنين أكثر من هذه الملصقات الإعلانيّة، العائمة التي "لا تودّي ولا تجييب"!، لا "تودّي" إلّا إلى فراغ، ولا "تُجيب" عن أي سؤال يمكن له أن يكون ملموسًا وواقعيًّا!.

 

ـ لأعتذر قليلًا عن وصفي للشعار بأنه "تافه"!، سبب الاعتذار ليس تغيّرًا في إحساسي تجاه الشعار ولا في موقفي منه، لكن لأستبدال الوصف بما أظنه أكثر أهميّةً، سأكتب: هو شعار مُلتَبِس ومُريب!. وهو اليوم، وعلى أرض الواقع المعاش، يخلط ما لا يمكن خلطه، ثم وبعد أن يخلطه، يحمي لخبطته من التفكيك الواجب بأصوات تموت وتحيا على تصفيق الجمهور لها!،..

 

ـ يصير تفكيك الجملة الشعاراتيّة وكأنه تفكيك للوحدة "المفكّكة أصلًا"!، يكسب المدافع عن الشعار تصفيقًا حادًّا، ومن يريد تفكيك الجملة لفهمها على الأقل يصير مُدانًا!.

 

ـ لا يهمّ، لنبحث في الأمر، ولنعرف من أي جهة هو ساذج، ومن أي جهة هو مُرِيب؟!

 

ـ ساذج لأنه لا يمكن الاعتراف به دوليًّا، كما أنّه مرفوض محليًّا، من قِبَل الفلسطينيين أنفسهم، إلّا في طلب مساعدات ماليّة أو عينيّة، وليس لديّ أي اعتراض على مثل هذه المساعدات، لكنه بالفعل كلام فارغ خارجيًّا وداخليًّا، فالدّول، دول العالم كله، لا تعترف بأمميّة مثل هذه المطالبات، وهي لا تجد أمامها غير الفلسطينيين أنفسهم للتفاهم وللتفاوض وللاتفاق معهم في كل ما يخص فلسطين وفي كل ما يمكنه جعلها دولة معترف بها حقًّا!.

 

ـ وهو ساذج، وفارغ بوضوح مخجل، بل وكاذب!، لأنه يفترض طرفين فقط: الفلسطينيين ونحن!،..

 

ـحسنًا: الطرف الأول موجود، ولنتجاوز مسألة انقسامه إلى جهتين!، لكن ما الذي تعنيه "نحن"، نحن هذه في حقيقتها أطراف كثيرة عربية وإسلاميّة "وأكثر"، لا يمكن جمع مصالحها ومواقفها في صحن واحد، "نحن" هذه ليست من الواقع في شيء، وكل من يقول "نحن" يقصد نفسه!.

 

ـ نأتي للأهم والأخطر: قبول مثل هذا الشعار، يعني حرفيًّا، قبول السعوديّة حكومةً وشعبًا، بشعار آخر خفيّ، أحمق، نهّاز فُرص حقيرة، يلوّح به كل من اختلط في قلبه الطمع بالحقد، وهو ما لوّحت به دولة "القضيّة الصغيرة جدًّا جدّاً"، قبل أشهر، في مطالبتها بتدويل المشاعر المقدّسة!.

 

ـ لا أقول إنّ هذا ما أراد قوله الدكتور تركي الحمد، فهو رجل شجاع ومثقف كبير، وما يريد قوله يقوله حرفيًّا، أقول إنني أنا الأقل شجاعة وثقافة أردت قول ما يقوله، فأسهبت!.

 

ـ أؤكّد: هذا ليس دفاعًا عن تركي الحمد، فأنا ممن خذلوه يوم كان الدفاع عنه مُستحقًّا وواجبًا وله قيمة!. هذه المقالة ليست إلا تنويعًا على موقفه ورؤيته، وهي إن صَلُحَتْ أنْ تكون اعتذارًا له فخير وبرَكَة!.