|


فهد عافت
لن تفهم إلا.. قد تفهم إذا!
2017-12-07

 

 

ـ النقد ليس فيه: "لن"، أو.. فيه، لكنها لا تكون صائبةً في غير حالات نادرة جدًّا، واستثنائيّة جدًّا، وعالية المقام دائمًا، لا يصل إليها غير عددٍ قليل من الموهوبين الأفذاذ في مجال النقد، أمّا عموم النقد فهو: "قد"!.

 

ـ حين يقول لك ناقد: ".. "لن" تفهم إلّا بهذه الطريقة.."، فإنه في الغالب لا يعني ما يقول حرفيًّا، وإلّا فإنه ناقد هزيل، وفي الفنّ كل هزيلٍ وَقِح!.

 

ـ قد يقولها لك ناقد حصيف، موهوب ومتمرِّس، مثل هذا الناقد لا يعني القول حرفيًّا، وهو حين يقول: ".. "لن" تفهم إلّا بهذه الطريقة.."، إنّما يكون مراده لَفْتَ انتباهك، بقوّةٍ يراها واجبة، للنظر في الأمر من هذه الزاوية الجديدة، المُستثناة من أي تفكير سابق غالبًا، ومن كل تفكير سائد دائمًا!.

 

ـ الناقد الحصيف، إذ يفعل ذلك، فإنه لا يطرد الطرق والطرائق الأخرى، ولا يحكم على إمكانيّة وجود بدائل بالنفي أو الموت، هو فقط ولاسترعاء انتباهك، يُظْلِمُ الصالة مؤقتًا، مُسقِطًا دائرة الضوء على طريقة جديدة، يَصعب تبيانها، أو لا تُصدّق نتائجها، دون وجودها منفردةً كَحَلٍّ وحيد!.

 

ـ وما دمت مقتنعًا ببراعة هذا الناقد، فعليك الاقتناع ببراءته أيضًا، هو يعرض هذا الحل "وحيدًا"، لفترة قصيرة، فترة تسمح بتناولك إيّاه وتجريبه، ثم بعد ذلك تُضاء الصالة، فإنْ لم يضغط هو بنفسه على أزرار الإضاءة، فأوجد له النسيان كعذرٍ، واتجه بنفسك إلى الأزرار وأضغط عليها لطرد الظلام!.

 

ـ ذلك لأنّ حقيقة النقد أرحب وأوسع، ولأنّ النظريّات النقديّة المتعوب عليها، تتكاتف مع بعضها، وتتآزَر مهما بدت لك اختلافاتها كبيرة وقريبة من التضاد والتناقض!.

 

ـ النقد: "قد"، ولا بأس من شكر المصادفة الجميلة للغّة العربية، التي أنبتت هذه الـ "قد" من كلمة "نقد" حرفيًّا!.

 

ـ كل نظريّة نقديّة في الفن والأدب، إنّما تقول لك: ".. "قد" تتيح لك هذه الطريقة، و"قد" يقودك هذا النهج، إذا ما اتّبعته، إلى فهمٍ أعمق، و"قد" تدخل من هذا الباب، أو من هذه الزاوية، إلى ما لم يسبق لك تصوّره من جمال في العميق من هذا العمل الفني أو الأدبي.."!.