|


فهد عافت
خارج التّوقّع والدِّرَايات!
2017-12-09

 

 

 

ـ حين يكذب، ذلك الذي يريد الإساءة إليك، فإنه يُقدّم لك دليلًا على أنك إنسان جيّد!، أو أكثر صلاحًا ممّا يتمنّى!، فهو لم يجد طاولة يضع عليها طبخة الإساءة، غير طاولة الكذب!.

 

ـ لكن انتبه، حاذِر من الاتّكاء على مثل هذه النتيجة، لا تثق كثيرًا في هذا الدّليل، فقد يكون هذا المسيء مجرّد أعمى!، وأنه لو لم يكن كذلك لوجد طاولة، طاولة كبيرة، تتسع لأكثر من عشرة ضيوف، و"MENU" كبير من الحقائق!.

 

ـ خالفهم، خالفهم حقًّا!، في الطرح لا في الشرح!، في الرأي لا في الذوق!، في المفهوم كليًّا لا في تفضيلات على النوع ذاته!، تكتشفهم حقًّا، ولسوف ترعبك نقائص بعضهم، ترعبك بمعنى الكلمة، لأنك كنت، قبل هذا، مستعدًّا لوضع يدك على المصحف، والقَسَم بأنهم بريئون منها، وأنّهم أعَفّ!.

 

ـ أمّا أولئك الذين ظلّوا على وقارهم، الذين تشعر أنهم دفعوا ثمن ذلك الوقار حسرةً في القلب مكتومةً، الذين اكتفوا بالإشارة، بسطر ردٍّ كريم، أو بشطر من أغنية كتلويحة عتب!، فاحتفظ لهم في قلبك بتحيّة أو انثر لهم أريجها، وحدهم يستحقّون التّحيّة، تحيّة القلب وامتنانه!.

 

ـ للقلب ما يُوجعه، وللقلب ما يداويه ويسعده أيضًا!، لأنك ستكتشف قرّاءً كنت تحسبهم سهلين فقط لأنهم بسطاء!.

 

ـ ولسوف يقترح الوقت مفاجآته السّارّة، بارتجالٍ خارج التوقّع والدّرايات، قرّاء رائعين، ليس لأنهم يوافقونك الرأي والطرح، بل العكس؛ لأنهم يخالفونك، لكنهم يكتبون ويعلنون مخالفتهم واعتراضهم بأدب، وبلطف وأخلاقيات مذهلة، وبفهم!، لا يتهمونك في ذمّة، ولا ينتقصون من قدرك شيئًا، لاءاتهم نخلٌ وعكّازٌ وخيمة!.

 

ـ بين التّمدّن والتّحضّر فرق كبير!. التمدّن مسألة خارجيّة، أنتَ متمدّن بحسب شرط المدينة!، قوانين المُدُن "البُلدان" التي تسكنها، وتعمل فيها، تجبرك على ذلك؛ فلا فضل لك!، أمّا التّحضّر؛ فمسألة داخليّة حتى إنْ خالَطَتْهَا وآزَرَتْها المدنيّة!، مسألة في النفس والضمير، في القلب وعلى اللّسان!.

 

ـ قبول الرأي الآخَر، من دلائل التمدّن؛ فمتى ما سمحت به القوانين "المدنيّة" خرج الأمر من يدك!، أما التحضّر، أمّا دليل الحضارة حقًّا، فهو قبولك لما تظنه هفوات فكرية، أو ما تعتقد أنه نتاج خاطئ لانزياح تأمّلات ثقافية من أي نوع!. قبولك ليس للرأي، لكن لأنْ يُطرَح وأنْ يُكتب، وأنْ يُقال!.