|


سعد المهدي
دورة الخليج.. ممنوع اللمس
2017-12-12

 

 

قراءة دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم، تختلف عن كونها حدثًا رياضيًّا تنافسيًّا إقليميًّا، إلى اعتبارها تجمعًا أخويًّا وديًّا بين دول وشعوب المنطقة؛ بغرض تعميق الروابط وتمتين جسور التواصل.

 

منذ المرة الأولى 1970م في البحرين، حتى تاريخه، تأرجحت بين الحالين "حدث رياضي تنافسي وتجمع أخوي ودي"، وتخلل ذلك كله بعض منغصات طارئة أو مزروعة كقنبلة تم توقيتها، ومع ذلك أطلقت هذه الكأس ساقيها للريح على مدى خمسة عقود، متجاوزة كل الصعاب والتحديات. 

 

في هذا الشهر، نحن أمام دورة جديدة لهذه الكأس العريقة، في نسختها الثالثة والعشرين، بمشاركة المنتخبات الثماني على أرض الكويت، التي كان من المقرر أن تستضيفها في الأصل، في حال رفع الحظر عنها من قبل الـ"فيفا"، وهو ما تم، ولولا ذلك لتعرضت هذه النسخة إلى مصاعب جمة، أهونها أن تقام في الدوحة على هامش الاهتمام الشعبي، وفي أدنى درجات التنافس والمستوى الفني.

 

وعلى أن الدورة تحت مظلة اتحاد "الاتحاد الخليجي لكرة القدم" يشرف عليها، ويعنى بشؤونها التنظيمية ومتابعة سيرها وضمان استمرارها، إلا أنه نتيجة أنه نبت بطريقة مخاتلة سمحت فيه له بعض الأطراف أن  يكون مسؤولاً عن أهم ملتقى شبابي رياضي خليجي، دون تفقد أهدافه الكامنة التي استثمرت فكرة إطلاقه العمانية، فقد بدا منصة قطرية تدار من خلالها مصالح خاصة، إلى أبعد من ذلك حين يتم الحاجة إلى أن يضر بمصالح عامة، وهذا هو الخطير في الأمر.

 

من الغريب أنه بعد ستة وأربعين عامًا على انطلاقة كأس دورة الخليج، تصبح هناك حاجة إلى إنشاء اتحاد لها، وإذا كانت الفكرة بريئة، فإن من تحمسوا لها ماهرون في إنشاء الكيانات الموازية لضمان تنفيذ أجنداتهم، هذا واضح، لكن الأمر هنا لا يجب أن يترك مهملاً دون مراجعة، وهذه مسؤولية الاتحادات المنضوية تحت هذا الاتحاد الذي ينظم مسابقتين خليجيتين على مستوى الأندية والمنتخبات، رئيسه وأمينه العام قطريان ومقره الدائم الدوحة.

 

كانت دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم الحدث الرياضي الأكبر في المنطقة، وظلت حتى بعد تعدد مشاركات منتخباتها القارية والدولية، وهي في الواقع تضم منتخبات على طراز رفيع فنيًّا، وتملك سجلاً طويلاً من النجوم الكروية على مدى عقودها التي ستكمل الخمسة، والحرص على تواصلها ينبع من قيمتها الشعبية وفضلها الذي لا ينكر في ما وصلت إليه المنتخبات من مستوى، ومن ذلك وجب أن تظل بعيدًا عن العبث بها أو استخدامها لغير ما أقيمت من أجله  أول مرة.