|


فهد عافت
إلى من لا يهمّه الأمر!
2017-12-13

 

 

 

أكثر من عانى، وتضرر، من هذا هو بدر بن عبدالمحسن. حتى في مقدّمة أوّل وأهم دواوينه، اعتَنَتْ الكلمات بالكشف عن مهارة صاحب المقدّمة في التقاط مفردات خلّابة، وعبارات منمّقة، تشير إلى براعة كاتب المقدمة نفسه، أكثر وبكثير من قدرتها على إضاءة نص أو نهج، أو كشف زاوية خاصّة لتمكين قارئ خاص من قراءة شاعر استثنائي!.

 

ـ لا شكّ أنّ ما كتبه الدكتور فهد العرابي الحارثي، كان نثرًا أخّاذًا، لكنه بعدم إغفاله الحِسّ الترحيبي بالإصدار، أضاع علينا فُرصة التقاء ناقد كبير بشاعر فخم!، وكل ما، ومن، سأتحدث عنهم الآن، أقل قيمةً وبهاءً، من الدكتور بكثير!.

 

ـ كتاب كامل ضخم نسبيًّا، صدر لأحد الكتّاب، عن شعر بدر بن عبدالمحسن، تقلّبه يمينًا شمالًا، من أوّله إلى آخِره، فلا تجد غير عبارات مطّاطة، تحاول أن يكون لها رنين شعريّ، يختلط بقصائد ومقتطفات ومقاطع شعريّة للبدر، وفي النهاية لا تخرج بشيء!، يكاد يكون الكتاب كلّه محاولة التفاف لنشر أشعار بدر بن عبدالمحسن دون الحاجة إلى أخذ موافقته قانونيًّا!.

 

ـ كتاب آخر، وهذه المرّة من جزأين!، يزعم أنه يتحدّث عن "جماليّات الفن الرحباني"، وما بين القوسين اسم الكتاب حرفيًّا!، تقلّبه، تتصفّحه، تحاول فيه، فلا تجد غير عبارات مسلوقة، وُضِعت فقط للفصل بين أغنيتين لفيروز!.

 

ـ ونعم، تعمّدت فيما يخص الكتابين السابقين، ألا أكتب "تقرأ" واخترت بدلًا منها كلمات مثل "تُقلِّبه، يمينًا شمالًا، تتصفّحه، تحاول فيه"؛ لأنني لم أتمكّن من قراءة متواصلة، ولأنني لا أظن أن قارئًا سيتمكّن من قراءة تامّة، خالية من القفز، لأيّ من الكتابين، لا "أبو الجزء" ولا "أبو الجزأين"!.

 

ـ أتذكّر كاتبًا، أكثر كتبه كانت مجرّد هجائيات فارغة، في أشعار نزار قبّاني!، أظن أنّ كل هذه الكتب قُرِأت فقط لتضمينها فقرات طويلة جدًّا من قصائد نزار!.

 

ـ ويظل الهجاء الأرعن أطيب من الإطراء الغبي!.

 

ـ حدث هذا، ويحدث بشكل يكاد يكون يوميًّا، مع شعراء كثيرين، حيث كلمات الإطراء ذات الحماسة والعواطف الجيّاشة، التي لا تكاد تقول شيئًا، ويمكنك بسهولة، بأقل حِس نقدي، التنبّه إلى أنها استخدمت الشعراء ولم تخدمهم!.

 

ـ وبالرغم من ذلك، فإنّ عددًا كبيرًا من أصحاب هذه الكلمات الجيّاشة، يحمّلون أكتاف الشعراء جمائلهم الوهميّة ويُثقلون عليهم بها!.

 

ـ يا لهذه الكلمات المُفرِطة في غراميّاتها، لعجزها عن تحليل أو تعليل، أو تنبيه أو توجيه!، كلمات لا هي دراسة ولا هي فِراسة!، وهي كلّما بدت حالمة وحنونة، كلّما كشفت عن سذاجتها وعن ضعفها!.

 

ـ أظن أنّ أكثر المستفيدين من مثل هذه العناقات الخانقة، هم الشعراء الأقل موهبةً وعطاءً، يكفي فرحهم بها كفائدة يرتجونها، فإن لم تحضر من تلقاء نفسها توسّلوها!، أضف إلى ذلك قدرتها على خلط الأوراق، فما يقال عن أفخم شاعر يمكنه حرفيًّا أن يقال عن أتفه شاعر، يا للجائزة!، وبالطبع فإنّ أكثر المتضررين منها هم أهل الشعر والإبداع الحقيقي!.