|


إرث بريمه.. رجل النجمة الثالثة.. ولاعب كل المراكز

جدة ـ محمود وهبي 2024.02.21 | 04:46 pm

في تاريخ كرة القدم، هناك أسماء ثابتة تُذكر دائمًا عند الحديث عن أفضل من لامَس الكرة، أو عن التشكيلة المثالية التاريخية، وهذا النقاش يخلو من اسم أندرياس بريمه، اللاعب الألماني الذي فارق الحياة، الثلاثاء، فهو لم يملك المواصفات «الخارقة» لرونالدو وميسي ومارادونا وبيليه وكرويف، إلا أنّه امتلك مواصفات «نادرة» قلّ مثيلها في عالم المستديرة، والوقوف عند هذه المواصفات يؤكد أن كرة القدم ودّعت أحد عباقرتها الكبار.
ما يعلمه متابعو كرة القدم عن بريمه أنّه مثّل بايرن ميونيخ، وإنتر ميلان، وتُوّج معهما بالألقاب، وقاد المانشافت الألماني للفوز بكأس العالم 1990، بعدما سجل ركلة جزاء في الدقائق الأخيرة من المباراة النهائية أمام مارادونا والأرجنتين، لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن بريمه امتلك قدرات استثنائية، جعلت منه ورقة رابحة لأي مدرب، وورقة مزعجة إلى أبعد الحدود لأي منافس.
ميزة بريمه الأبرز، ولربما تكون الأغرب، هي أنّه كان يجيد اللعب بكلتا القدميْن دون أي فرق، إن كان من ناحية التحكم بالكرة أو المراوغة أو التمرير والتسديد، ولعلّ أبرز من يصف هذه الميزة، هو الراحل فرانتس بيكنباور، أعظم أساطير الألمان، إذ قال «أعرف أندرياس منذ 20 عامًا، وما زلت لا أعرف إن كان يلعب بقدمه اليمنى أو اليسرى».
بريمه كان يرى أن قدمه اليمنى هي الأدق، وأن قدمه اليسرى هي الأقوى، الأمر الذي يبرر تنفيذه ركلة الجزاء الألمانية أمام الأرجنتين في نهائي 1990 بقدمه اليمنى، إلا أنه نفذ ركلته الترجيحية أمام المكسيك في ربع نهائي كأس العام 1986 بقدمه اليسرى.
ميزة بريمه هذه لم تقتصر على ركلات الجزاء فقط، فهو كان أحد أفضل منفذي الركلات الثابتة، المباشرة أو غير المباشرة، عبر التاريخ، واستخدامه لكلتا القدمين كان يسبب الصداع للمدافعين وحراس المرمى، ويزيد عنصر المفاجأة ويقلل عنصر التوقع، وما زاد الطين بلة للمنافسين أن تسديدات بريمه كان فيها القوة والدقة والانحناء، أي أنّه أجاد كل عناصر النجاح في الكرات الثابتة، وبكلتا القدميْن.
وبعيدًا عن ميزة القدميْن، امتلك بريمه ميزة استثنائية أخرى، فمركزه الطبيعي كان ظهيرًا أيسرًا، إلا أنّه لعب خلال مسيرته في كل المراكز، ما عدا مركز حارس المرمى والمهاجم الصريح، إذ لعب على الجبهة اليسرى ظهيرًا، ومتوسط ميدان، وجناحًا هجوميًا، وشغل المراكز نفسها بدرجة أقل على الجبهة اليمنى، كما استُخدم لمرات قليلة في وسط الملعب، إن كان في مراكز دفاعية أو هجومية.
وصحيح أن بريمه افتقد لسرعة الأظهرة والأجنحة التقليديين، إلا أنّه عوّض عن ذلك بميزة أخرى، فهو كان ذكيًا على الصعيد التكتيكي، ومميزًا في الجوانب اللياقية، الأمر الذي ساعده على تغطية مساحات عمودية كبيرة على الرواق الأيسر، في النواحي الهجومية والدفاعية، مع كل الفرق التي لعب لها.
الخلاصة، بريمه، الذي فارق الحياة عن عمر يناهز 63 عامًا، كان لاعب المباريات الكبيرة، وكان دائمًا ما يسجل في المباريات المهمة، وفي المواعيد الصعبة، وفاز بالدوري الألماني مع فريقيْن، وبالدوري الإيطالي في فترة كان فيها هذا الدوري الأقوى عالميًا، كما فاز بكأس العالم وكان في التشكيلة المونديالية المثالية، وإن كان لوثار ماتيوس أحد أفضل اللاعبين الألمان تاريخيًا، فهو يقول: «بريمه هو أفضل من لعبت إلى جانبه في مسيرتي».
وبالحديث عن ماتيوس، هناك قصة أخرى، لأن لوثار كان اختصاصي تنفيذ ركلات الجزاء مع المنتخب الألماني، إلا أن حذاؤه لم يكن في حالة جيدة خلال نهائي كأس العالم 1990، الأمر الذي دفعه لعدم تنفيذ الركلة التي حصل عليها المانشافت في الدقيقة 85، ومن ظل ماتيوس خرج بريمه لينفّذ الركلة، ويقود الألمان نحو النجمة المونديالية الثالثة.