|


الألمان.. من لاعبين متواضعين إلى مدربين لامعين

جدة ـ محمود وهبي 2024.04.28 | 12:55 pm

جرت العادة أن يذهب عدد كبير من نجوم كرة القدم إلى عالم التدريب بعد اعتزالهم، فهناك أمثلة كثيرة في هذا السياق، وهو توجّه طبيعي لأسماء تألقت في الملاعب، ونالت محبّة الجماهير، قبل الجلوس على الدكة، لكن الأعوام الأخيرة شهدت نهجًا مختلفًا، خاصة في ألمانيا، والحديث هنا عن لاعبين متواضعين تحوّلوا إلى مدربين لامعين، عن لاعبين ركلوا الكرة بعيدًا كل البعد عن الأضواء والكاميرات، قبل تحقيق أبرز البطولات في مسيراتهم التدريبية، ولعل من أخذ الخطوة الأولى في هذا النهج هو المدرب يورجن كلوب، الذي سيطوي بعد أيام صفحته الأخيرة مع فريق ليفربول الأول لكرة القدم، بعد صفحات كثيرة وكثيرة من النجاح.
ولم يلعب كلوب أي مباراة في الدرجة الأولى طوال مسيرته، إذ أمضى 11 موسمًا مع نادي ماينتس، جميعها في الدرجة الثانية، وهذه الفترة جعلته اسمًا محبوبًا لدى الجماهير، على الرغم من أرقامه العادية، الأمر، الذي دفع إدارة النادي إلى تعيينه مدربًا للفريق، بعد اعتزاله عام 2001. وقاد كلوب ماينتس للصعود إلى الدرجة الأولى، للمرة الأولى في تاريخ النادي عام 2004، كما قادهم نحو المشاركة في الدوري الأوروبي عام 2005، ومن ثم انتقل لتدريب دورتموند في 2008، ليبدأ كتابة التاريخ على المسارح الكبرى، عبر التتويج بالبوندسليجا مرتين على التوالي، والثنائية المحلية في ألمانيا موسم 2011ـ2012، والوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا 2013، قبل الفوز مع ليفربول بثمانية ألقاب، منها دوري الأبطال عام 2019، والدوري الإنجليزي في 2020، كاسرًا غياب ليفربول عن منصة الـ «بريميير ليج»، الذي استمر 30 عامًا.
أما بالنسبة لتوماس توخل، فمسيرته لاعبًا كانت أكثر تواضعًا، فهو لعب ثماني مباريات فقط في دوري الدرجة الثانية موسم 1992ـ1993، مع شتوتجارت كيكرز، لكن النادي استغنى عنه، فانضم إلى فريق أولم في الدرجة الرابعة، واعتزل بسن 25 عامًا، بعد معاناة مع الإصابات، فسار بعد ذلك على خطى كلوب، واستلم تدريب ماينتس عام 2009، وحقق معهم المركز الخامس في البوندسليجا موسم 2010ـ2011، وتأهل إلى الدوري الأوروبي، وكرر هذا التأهل في موسم 2014ـ2015، ثم استلم قيادة دورتموند عام 2015، وحقق معهم كأس ألمانيا، ومن ثم تُوّج بستة ألقاب مع باريس سان جيرمان، ووصل معهم إلى نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2020، إلى أن تُوّج مع تشيلسي بلقب الـ «شامبيونز ليج» عام 2021، بعد الفوز على جوارديولا ومانشستر سيتي.
ويأتي اسم كريستيان شترايخ في هذه القائمة أيضًا، فمسيرته لاعبًا اقتصرت على فرق الصف الثاني، كما أنّه لم يلعب في البوندسليجا سوى 10 مباريات فقط، قبل أن يبدأ مشواره التدريبي عام 1995 في أكاديمية نادي فرايبورج، ثم تم تعيينه مساعدًا لمدرب الفريق الأول عام 2007، وصولًا إلى استلامه منصب المدرب الفني عام 2011، وهو المنصب الذي شغله منذ ذلك الحين، ليكون أحد أكثر المدربين استمرارية مع فريق واحد في الدوريات الخمس الكبرى، وسيتنحّى عن منصبه عند نهاية الموسم الحالي، تاركًا إرثًا كبيرًا في فرايبورج.
وجاء الدور بعد ذلك على جوليان ناجلسمان، الذي لم يلعب أي مباراة مع الفرق الأولى طوال مسيرته، واعتزل بسن مبكرة، بسبب الإصابات المتكررة، ليبدأ رحلته في عالم التدريب مع أكاديميات الأندية، قبل تعيينه مدربًا لفريق هوفنهايم الأول عام 2016، وانتقل ناجلسمان لتدريب لايبزيج عام 2019، ووصل معهم إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا العام التالي، ثم انتقل إلى بايرن ميونيخ، حيث حقق ثلاثة ألقاب محلية، وصولًا إلى تعيينه مدربًا للمنتخب الألماني الأول في سبتمبر الماضي.
ويُعدّ سيباستيان هونيس أحد الأسماء القادرة على المضي على خطى الأسماء، التي سبق ذكرها في هذه القصة، فهو لم يحظ بمسيرة لامعة عندما كان لاعبًا، على عكس والده ديتر، وعمه أولى هونيس، أحد أساطير بايرن ميونيخ، إلا أنّه رفع أسهمه في عالم التدريب بسرعة البرق، فقاد الفريق الثاني لبايرن ميونيخ نحو الفوز بلقب دوري الدرجة الثالثة عام 2020، ومن ثم خاض محطة جيدة مع الفريق الأول لهوفنهايم، قبل أن يحقق أرقامًا لافتة مع شتوتجارت في محطته الحالية، إذ حوّله من فريق مهدد بالهبوط، في الموسم الماضي، إلى فريق على مشارف التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، مع وجوده في المركز الثالث في ترتيب البوندسليجا حاليًا.
ومن ناحيته، أمضى إدين تيزريتش مسيرة متواضعة عندما كان لاعبًا، واقتصرت على الفرق المغمورة، قبل أن يعمل مدربًا في أكاديمية دورتموند منذ 2010، واستلم تدريب الفريق الأول بشكل مؤقت في النصف الثاني من موسم 2020ـ2021، وقاد الفريق للفوز بكأس ألمانيا، ويخوض حاليًا فترته الثانية مع الفريق الأصفر، مع نتائج متأرجحة محليًا، إلا أنّه حجز دورتموند مقعدًا في المربع الذهبي لدوري أبطال أوروبا بعد تصدره مجموعة الموت، وإقصائه أتلتيكو مدريد في ربع النهائي.
ومن الأسماء الأخرى، التي عرفت مسيرة متواضعة في الملاعب، ومسيرة أفضل على الدكة، يأتي دومينيكو تيديسكو، المدرب الألماني ـ الإيطالي، الذي قاد شالكة إلى ثمن نهائي دوري الأبطال عام 2019، ولايبزيج إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي عام 2022، وهو حاليًا المدرب الفني لمنتخب بلجيكا، وروجر شميت، الذي تُوّج مع سالزبورج بالدوري النمساوي عام 2014، ومع آيندهوفن بلقبي الكأس والسوبر في هولندا موسم 2021ـ2022، ومع بنفيكا بلقب الدوري البرتغالي الموسم الماضي.
وللقصة تتمة في الملاعب السعودية، مع ماتياس يايسله، المدرب الشاب لفريق الأهلي، فمسيرته لاعبًا اقتصرت على 65 مباراة فقط، منها 31 في البوندسليجا، إذ اعتزل في سن مبكرة بسبب الإصابات، ثم بدأ مسيرته التدريبية عام 2021، وحقق في مشواره القصير ثلاثة ألقاب مع سالزبورج في النمسا، كما قاد الفريق إلى ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا في موسم 2021ـ2022، ويحمل اليوم راية استعادة بريق الأهلي.