|


«يا أجمل الحزن.. لدموعك سلام».. رحلة الشعر تتوقف مع غياب البدر

الأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن آل سعود. (أرشيفية)
الرياض ـ إيمان العتيق 2024.05.04 | 06:27 pm

يا أجمل الحزن.. لدموعك سلام
من حبيبٍ... بقى منه الكلام
وين أنا منك.. غربني الزمان
وخانني النور... وأبعدني الظلام
لو بعزيك... سالت دمعتي
تدري الدمع في حبك... حرام
لو بواسيك... ما يكفي الهوى
ولو أبي... عذر ما يكفي الغرام
هكذا كتب البدر مشاعر الملايين قبل أن يغادر، السبت، هذه الدنيا التي ملأها شعرًا وحبًا وأبداعًا وعذوبة حتى في لحظات الحزن والمرارة..
البدر صوت الروح، وشحن الأفئدة، وأيقونة الجمال، يغيب، ولكنه كتب قبل الرحيل المؤلم، مشخصًا الحال «هذي سوالف رحلتي.. سافرت.. في كل التراب.. سافرت.. لديار السحاب..
وهربت من ليل اللقاء.. وسهر الغياب
وأنتي بداية رحلتي وكنتي النهاية..
عن حبك رحلت.. ولحبك وصلت..
وهذي سوالف رحلتي»..
كانت رحلة تختصر الحسن والحزن معًا، رحلة بدأت من الرياض 1949، وتوقفت فيها بعد 75 عامًا.
كما كان «على آخر تراب الأرض... أحسن أن المسافة شبر...
وكل الأرض... ما تحمل تعب مشوار».. ولا أحد يحتمل فراقك أمير الشعر ومهندسه بدر بن عبد المحسن..
نعاه الأدباء، والمثقفون، والسياسيون، من أرجاء الوطن العربي، عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي خيّم الحُزن عليها، منذ ساعات الصباح الأولى، بعد المعرفة بنبأ رحيل البدر إثر معاناة مع المرض.
ومرت رحلة دراسة البدر بين السعودية ومصر، وبريطانيا، والولايات المتحدة.
في 1971 صدح صوت الأرض بـ «عطني المحبة»، فأخذ كل الحب منذ أول قصيدة تغنى له.
عام 1973 تولى رئاسة الجمعية السعودية للثقافة والفنون، وعُين رئيسًا لتنظيم الشعر في السعودية، وتم تكليفه أعوامًا عدة بكتابة الأوبريتات الافتتاحية لعدة مهرجانات محلية، أبرزها مهرجان الجنادرية.
وصدر للبدر خمسة دواوين: «هام السحب، وشهد الحروف، ورسالة من بدوي، وما ينقش العصفور في تمرة العذق، ولوحة.. ربما قصيدة».
فيما تعاون الراحل مع أشهر المطربين، مثل طلال مداح، ومحمد عبده، وعبادي الجوهر، وعبد المجيد عبد الله، وراشد الماجد، وخالد عبد الرحمن.
كتب أوبريتات «الله البادي» 1990، و«وقفة حق» 1992، و«فارس التوحيد» عام 1999، و«وطن الشموس» عام 2009، و«أئمة وملوك» عام 2018، و«مملكة الحب والسلام» في حفل تدشين رؤية وزارة الثقافة عام 2019.
للراحل قصائدٌ وطنية خالدة، مثل «فوق هام السحب»، التي صدح بها فنان العرب 1986، بجانب أغنية «ليلة»، للفنان عبد الرَّب إدريس، و«زمان الصمت، وصعب السؤال، ويا طفلة تحت المطر، وقصت ظفايرها، وسيدي قم، ونجمة ونهر»، لطلال مداح، و«أبعتذر، وصوتك يناديني، والرسايل، وردي سلامي، وجمرة غضى، ووين أحب الليلة، والفجر البعيد، ومرتني الدنيا»، لمحمد عبده، و«كأنك حبيبي، والمرايا، وكفاك غرور، وليلهم طال، وسافروا ولا ودعوا، وليل البعاد»، لعبادي الجوهر، و«المسافر، والحل الصعب، والبتول»، لراشد الماجد، و«طفلة وطفل، وتخيل، وموت وميلاد»، لعبد المجيد عبد الله، و«عقد وسوار، وعلى النوى»، لخالد عبد الرحمن، و«يطري عليه الوله»، لعبد الكريم عبد القادر، و«لا تجي الليلة، وأنت ولا الموت»، لنوال الكويتية، و«صور، وناي، والجريدة، وممكن توصلني»، لكاظم الساهر، و«لا أنت حارس للنجوم»، لصابر الرباعي، و«موال الشوق والليل»، لنجاة الصغيرة. وقبل خمسة أيام من رحيله، كتب البدر في المنشور الأخير عبر حسابه الرسمي في منصة «إكس»:



«الناس ما همَّها ظروفكْ.. كود الذي يحزن لغمّكْ
وإن شلت حملك على كتوفكْ.. بتموت ما احدٍ ترى يمّكْ»



لكن البدر غاب وشغل الدنيا حيًا وميتًا..
بقي أمر أخير، الشعر كما يعرفه بدر بن عبد المحسن: «تحويل الكلام البسيط إلى أمر مدهش»، لكن لا أحد يستطيع فعل ذلك سوى البدر... وداعًا أيها الشعر...