|


حمد الراشد
من رحم المعاناة.. تولد البطولات!!
2017-03-18

قالوا.. وهم يتابعون احتفالات الاتحاديين بعناق الذهب في كل أنحاء الوطن.. لمَ كل هذه الهستيريا في الفرح بالفوز.. كفرحة فقير معدم هطلت على رأسه فجأة ثروة هائلة.. قلت: دعهم في بحور الحيرة يسبحون.. وفي عالم الدهشة يحلقون.. ما حدث وما تحقق لم يكن حدثًا عاديًّا عابرًا.. بل كان ملحمة حب وقصيدة عشق وأغنية وفاء.. للإنجاز قصة.. وللبطولة حكاية.. وللأمجاد فرسانها.. بدأت خيوطها الأولى من حزن عميق تفجر في صدر المسعود قبل نهاية الموسم المنصرم.. حزنًا وألمًا على ما وصل إليه حال الاتحاد.. من كوارث وضياع وانكسارات لا تليق أبدًا بعميد الأندية السعودية.. فقرر التصدي بشجاعة الفرسان لوضع حد لهذه المأساة وإنقاذ الاتحاد من الغرق قبل فوات الأوان.. أعلن المسعود رغبته في تحمل مسؤولية الإنقاذ.. بعد لقائه بالرمز المضيء الأمير طلال بن منصور.. الذي منحه الثقة والدعم والتعزيز عبر خطابه لرئيس هيئة الرياضة.. عندما تأخر وصول الشيك المصدق بـ 30 مليون ريال.. كشرط وحيد لاستلام المسعود إدارة العميد.. أرسل الأمير طلال بن منصور خطابًا يطلب مهلة إضافية.. أخيرًا وصل الشيك المصدق.. وبدأ أبو عمر المشوار.. ورحلة إنقاذ العميد وإعادته للمنصات وإلى مكانه الطبيعي على خارطة الكرة السعودية.. ومنذ اليوم الأول.. ترجم كل وعوده إلى أفعال.. عبر العديد من الخطوات الجادة في أكثر من اتجاه.. تسديد ديون.. إغلاق ملفات قضايا عالقة.. إعادة بناء الفريق إلى غير ذلك من الأعمال التي جعلت الجماهير الاتحادية.. تشعر ولأول مرة بأن ناديها بات في أيدٍ أمينة.. وأن فريقها يسير في اتجاه العودة لساحة المنافسة.. وبدأ الدوري.. وبدأت النتائج تعلن عن نفسها.. وتنفس الجميع الصعداء.. فجأة يستيقظ الاتحاديون على خبر صاعق.. زلزل أركانهم.. المسعود في ذمة الله.. فجأة ومن دون مقدمات.. غرق الاتحاديون في بحر الأحزان.. عادوا إلى دوامة الضياع والمصير المجهول.. وفي عتمة اليأس انبرى فارس اتحادي.. كان صديق عمر ورفيق درب للراحل أحمد مسعود.. حمل مشعل الأمانة والمسؤولية.. وتصدى بصدر مفتوح وشجاعة نادرة لإكمال مسيرة المنقذ.. ومنذ اليوم الأول للباشا مهندس حاتم.. انهالت عليه الأسهم من كل حدب وصوب.. بهدف اغتيال الحلم وأمل العودة.. ودفعه دفعًا للاستقالة والترجل عن صهوة الأمل.. لعل وعسى يسقط العميد من جديد.. ويعود لما كان عليه من ضياع وفشل وسقوط ويأس.. كل هذه المحاولات اليائسة من أطراف.. وجهات مختلفة.. تكسرت على صخرة حاتم ورفاقه وداعميه.. ومضى يشق طريقه بثباتٍ وعزيمة وإصرار.. متوسدًا دعم المدرج الذي منحه ثقته الكاملة.. ملحمة الصمود والوفاء هذه.. توجها النمور بكأس ولي العهد.. فكان الفرح طاغيًا والاحتفال صاخبًا.. وأي فريق مر بهذه الظروف والأحداث والعواصف.. التي يفاجأ بها صباح مساء.. لربما كان يصارع من أجل البقاء.. لا أن ينافس على البطولات ويحصد الألقاب.. الاتحاديون خلقوا من معدن الوفاء الأصيل.. أصر النمور على قطف أول الثمار.. وفاءً للمنقذ المسعود ـ يرحمه الله ـ وقد كان.. ووفاء للرئيس المثالي الصبور حاتم.. ووفاء لجماهيرهم العاشقة.. اللاعب رقم واحد.. نحن أمام نموذج يحتذى به في الصبر والعزم والإرادة والعشق والوفاء.. كل اتحادي لن ينسى أبدًا وقفة الرمز الحبيب طلال بن منصور.. ودعمه اللامحدود لأحمد مسعود.. كل اتحادي لن ينسى (أبو عمر) رجل بألف.. قيمة وقامة وتاريخ مشرف.. كل اتحادي لن ينسى شجاعة المهندس حاتم.. والذي تصدى للمهمة وإكمال المسيرة والمشوار.. مضحيًا بكل شيء.. كل اتحادي لن ينسى تكتل أعضاء الشرف الذين بذلوا الغالي والنفيس لدعم الإدارة.. دون أن يعرف أحد أسماءهم أو صورهم.. كل اتحادي لن ينسى وقفة اللاعبين الأبطال الذين لم يتسلموا مقدمات عقودهم ورواتبهم فترة طويلة.. مكتفين بالمكافآت تقديرًا لظروف ناديهم.. الاتحاد باختصار نسيج نفسه لا يشبه أحدًا.. الاتحاد قصة عشق أبدية.. لا يعرف أسرارها إلا من جرى حب الاتحاد في عروقه وسكن نبض قلبه.. فريق هذه سماته وعناوينه وأسراره غير عادي.. أحزانه غير.. أفراحه غير.انتصاراته وإنجازاته صورة أخرى من الخيال والإبداع والدهشة.. فألف مبروك لكل من كتب حرفًا في قصيدة الفوز بكأس ولي العهد الغالية.. التي أعادت الجريان للنهر والورد للربيع والحياة للقلوب التي أضناها التعب.