|


رياض المسلم
«دشير» ثانوية النسيم.. و«تأثير» مدرسة المشاغبين
2024-02-10
في إشراقة السبعينيات الميلادية، كتب المؤلف علي سالم نصًا يناقش قضايا المدارس المصرية في تلك الحقبة، فتحولت الأحرف المتناثرة على الأوراق إلى ممثلين يقفون على خشبة المسرح، حملت اسم «مدرسة المشاغبين» وهو العمل الذي لم يمرّ عليه عداد الزمن ولم يكبر نجومه رغم أنهم رحلوا جميعًا عن دنيانا عدا الزعيم عادل إمام ـ أمده الله سبحانه بالصحة والعافية ـ فعرف سالم كيف يجمع بين الكوميديا والدراما والواقعية ومعالجتها، فالطالب المشاغب قد يكون هو الطبيب أو القبطان أو الضابط أو المهندس، فكان للمسرحية انعكاس كبير على الحقل التعليمي ليس المصري فحسب بل تجاوزت الحدود.
التعلق بمدرسة المشاغبين ومتابعتها 100 مرة والضحك في المرة الـ99 وكأنها الأولى، ومروره على كل الأزمنة وكأنه «منتج لذيذ الطعم» لكنه «بلا صلاحية»، حالة «فنية» تستحق التوقف عندها ومعرفة خلطة النجاح، فلم تكن بالإسفاف أو العربجة أو الألفاظ البذيئة أو الأحداث «غير المنطقية»، بل لم تخرج من الواقعية المغلفة بالكوميديا.
شاهدتُ بعضًا من مسلسل «ثانوية النسيم» الذي تبثه منصة شاهد، ولا أستطيع أن أقدم رأيي كاملًا فيه كونه عملًا لم ينته والأهم من ذلك لم أدرس المرحلة الثانوية في النسيم أو الأحياء المجاورة لأعرف حقيقة ما يجري داخل هذا العالم المجتمعي الكبير والمغلق والمسمى «المدارس»، لكن الأمر لا يحتاج البحث فيه عن الرأي الصحيح التوجه إلى ناقد أو صحافي لم يلبس بدلة "الغوص" ويغطس في بحور التفاصيل، ولكن يكفي أن تستمع من أشخاص يتنفسون القضية ويغوصون دون الحاجة إلى مساعدات خارجية، وهم المعلمون أنفسهم.
أكثر من معلم خرج عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليتحدث عن المغالطات الكبيرة وتزييف الواقع وتحريفه في «ثانوية النسيم»، فكان المعلمون خير رسول للدفاع عن المدارس في وجه صنّاع العمل.
الانبهار بالصورة ولقطات الأكشن والتفحيط والاستعراض بعضلات الإخراج يجب ألّا يخرجنا عن الهدف الأساسي من المسلسل، وهو تقديم مشكلة مجتمعية ومحاولة معالجتها، لكن هذا لم يحدث للأسف ولن يحدث في زمن البحث عن التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي.
«ثانوية النسيم» بأبطالها «الشنبات» يعلمون الطلبة الصغار الألفاظ غير اللائقة وامتهان المعلم والاستهتار بالتعليم، ولا يقدم أي إضافة جديدة في حياتهم بل يسلب الوقت والفائدة.
والمخجل أن البعض يقيس نجاح العمل بحضوره الطاغي على منصات التواصل الاجتماعي، لكنه هو نفسه يعلم بأن مقطع فيديو صوره طفل بشكل عفوي أو امرأة تستعرض مفاتنها قد يتخطى مشاهدات مقطع من المسلسل، لذا فالأرقام ليست مقياسًا للنجاح طالما للعقل صوت مسموع..
تقديم بعض من طلبة ثانوية النسيم في صورة «الدشير»، وهو المسمى الشعبي الدارج لمن ينقص لديه معيار الأخلاق، أمر غير منطقي ومبالغ فيه، ويجب أن يراعي منتجو الأعمال القيم العالية في مجتمعنا والحفاظ عليها وتعزيزها.