|


فهد عافت
عِلمُ التَّجاهل!
2017-02-27

الجهل ليس نقيض العِلم، الجهل أقل وأضعف من أن يكون كذلك!، لكن العِلْم نقيض الجهل!،..

 

الجهل يعجز حتى عن أن يكون شرّا!، بالرغم من أنه مرتع خصب لكثير من الشرور!،..

 

لكن الشر نفسه يحتاج إلى معرفة ومهارة وفطنة وذكاء!،..

 

الجاهل لا يمتلك من الشر غير عبثيته، غير خبط عشوائه!،..

 

الجاهل ليس هو الأمّيّ ولا هو غير المتعلِّم، الجاهل هو من فُتِحت، وتُفتح، له أبواب التدبّر لكنه يرفض الدخول!، رعباً من المعرفة أو غطرسةً عليها، المهم أنه يرفض الدخول، ولأنه كرر الرفض مرتين أو ثلاث مرّات أو أكثر، يتوهّم أن هذا الرفض فطرة إنسانيّة، ويتخذه مبدأً وقاعدة!،..

 

عدم المعرفة ليست جهلاً، الجهل هو رفض المعرفة!،..

 

حتى مع الجِذَر والنَّسَب اللغوي: الجاهل ليس من يجهل، الجاهل من لا يريد إضافة أي معرفةٍ لما يظن أنه يعرف!،..

 

الجهل الحقيقي ليس قبل المعرفة، إنه بعدها: الاكتفاء بما حصل عليه المرء منها، واعتبار الأمر أُنجِز تماماً وبلغ منتهاه ومُراده!،..

 

أنتَ المخطئ إن ظننتَ أن الجاهل يُخطئ!، الجاهل لا يُخطئ!، الجاهل هو الخطأ نفسه!،..

 

والجاهل لا يظن، فقط يعتقد!،..

 

واعتقاداته جازمة وقطْعيّة ونهائية، ولا تقبل نقاشاً فيها أو حولها أو معها!، صدأٌ يقبل الصّدى ولا شيء آخر!،..

 

يمكنك ترك الجاهل وشأنه، ورأيي أنه وما لم تكن مسؤولاً حكوميّاً، أو موظّفاً تستلزم طبيعة عمله التدخّل، فمن الأنسب لك ترك الجاهل وشأنه قَدْر الإمكان، فإن تضررتَ منه فالقانون يفصل بينكما، دع القانون يتعامل معه وليس أنت، نصيحة البدو: لا تتورّط بكيس فَحْمٍ إن وقعت عليه اتَّسَخَتْ ثيابك وإن وقع عليك اتَّسَخَتْ ثيابك!،..

 

لكن اعلم أنه ومع شبكات التواصل، وقفزاتها المهولة، أنك حتى وإن تركت الجاهل فإنه لن يتركك!،..

 

بعضهم مُحترِف مُنغِّصات، ومنهم من لا يعِفّ ويحسب ذلك خِفّة ظلّ أو حريّة!،..

 

لا تلتفت، وتعلّم قدر استطاعتك فنون التغاضي، الجهل ليس علماً، لكن التجاهل علم رائع!، وهو على صعوبته وحاجته إلى الصبر والعزيمة إلا أنه عظيم الفائدة!،..

 

لا تتغافل عنهم ولا تتجاهلهم عقاباً لهم، ولكن مكافأةً لنفسك وتكريماً لها!،..

 

وأظن أنه من أفضل الدروب في هذا الشأن أن تتعامل معهم كمَرْضَى!، والجهل في حقيقته مرض!،..

 

أنت ومهما تغاضيت، وتجنّبت، وتجاهلت، فإنه قد يظل في قلبك شيء من البُغض، وفي صدرك شيء من الضِّيق، إن لم يكن منهم فمن أفعالهم، لكنك حين تفكِّر فيهم على أنهم مَرْضى، بالمعنى الحرفي للكلمة، يصبح لتجاهلك إياهم معنى آخر: فِرار واجب على الإنسان تجاه نفسه من الأمراض المُعْدِيَة!، وفي الجانب الآخر تُبقي على قلبك طاهراً، وصدرك واسعاً، إذ ليس هناك من يحمل غِلّاً على مريض!،..

 

وستكسب أجر الدعاء لهم بالشفاء!،..

 

لتَصِحّ، أو لتبقى صحيح النفس والبدن، تذكّر دائماً أنهم مَرْضَى، فإن وصلت فعلياً، وهذه مسألة بينك وبين نفسك، إلى أن تدعو لهم بالشفاء فقد بَرِئتَ منهم وبنفسكَ نَجَوْتَ، والسلام ختام!