|


سعيد غبريس
الظاهرة السورية
2017-10-06

 

 

 

أستراليا "الدب الذي جبناه إلى كرمنا"، ربما كانت من "التهم" مقعداً في المونديالين الماضيين، من مائدة فرق عرب آسيا، التي غابت عن ذينك المونديالين، اللذين اقتصر فيهما التمثيل العربي على الفريق الجزائري، وكان "الكنغر" قاب قوسين أو أدنى من إقصائنا هذه المرة أيضاً، لو لم يزحه الفريق السعودي بفارق الأهداف، غير أنّ المنتخب القادم من بعيد إلى قارتنا، كروياً، عبْر الاتحاد الآسيوي، يقف حجر عثرة من جديد، وهذه المرة في مواجهة المنتخب السوري المكافح الذي فاجأ التصفيات الآسيوية بتأهله إلى الملحق القاري، وهو يلعب خارج أرضه كل مبارياته. 

 

وبلاده يمزقها الإرهاب والدمار والحروب المتعددة الأشكال التي فتتت  الأرض إلى أجزاء منفصلة، مما حال دون تجمع اللاعبين أو ممارسة التمارين وخوض المباريات بانتظام وبأمان.

 

والحق يُقال، أنّ المنتخب السوري حقّق بهذا التأهل، أكثر مما هو مطلوب في مثل هذه الظروف، وإذا تابع وتخطى نظيره الأسترالي يكون حقّق أكثر من المعقول، وإذا أكمل وتخطى رابع الكونكاكاف ووصل إلى المونديال لأول مرة، يكون قد لامس حدود المونديال، ولكن التعادل بهدف لهدف على أرضه في ماليزيا صعّب من المهمة إلا إذا تعملق في سيدني ولعب بالروح ذاتها مع الإقلاع عن هدر الفرص.

 

توفرت عوامل عدة كونّت هذه "الظاهرة السورية" في مقدمها الروح العالية التي تسلّح بها اللاعبون في المباريات، فيما تركوا بلادهم تحت رحمة مسلحين بالقنابل والصواريخ والطائرات. 

 

ومع ذلك حقّقوا على أرض كرة القدم ما يفوق طاقاتهم ويحاكي طموحاتهم ويوازي هدفهم في إعطاء صورة مغايرة عما يجري في بلادهم من خراب ودمار وهمجية وقتل وظلم وطمس كل معالم الحياة ومقوماتها. 

 

وبهذه الروح نجح "نسور قاسيون" في دك شباك منتخب إيران بهدفين تعادليين، بعدما ظلت هذه الشباك نظيفة طوال التصفيات. 

 

وكان الإيراني عجز عن هزيمة السوري في ماليزيا مكتفياً بالتعادل السلبي، مما يعني أنّ السوريين قارعوا بطل المجموعة والمتأهل مباشرة إلى روسيا.

 

وقارع السوريون عملاقاً آخر في القارة حين هزموا الصينيين وعادلوهم. كما هزموا الأوزبكيين، وخسروا بصعوبة بالغة أمام الكوريين الجنوبيين بهدف، فيما أضاعوا فرصاً عدة للفوز..

 

فرص التأهل المباشر للمونديال لم تكن لتضيع فيما لو انضم "ثلاثي القوة الهجومية" إلى المنتخب السوري منذ البداية، فحين التحق عمر السومة وفراس الخطيب بعمر خربين، كان المنتخب خسر ثلاث مباريات من سبع ثمّ فاز مرة وتعادل مرتين في المباريات الثلاث الأخيرة. وكان هؤلاء الثلاثة أبطال التأهل خاصة السومة الذي سجّل هدف التعادل في المرمى الإيراني في الوقت القاتل، وهذا ما عبّر عنه المدرب أيمن حكيم حين قال: لو اكتمل هذا الثلاثي منذ البداية لاختلف الأمر وتأهلنا مباشرة.

 

ومن الطبيعي أن يشكّل هذا الثلاثي المحترف خارج البلاد ومنذ أمد بعيد، قوة داعمة للفريق المثابر، فعمر السومة هو الآن من أفضل المهاجمين العرب وقلب الأوضاع رأساً على عقب في الدوري السعودي مع النادي الأهلي محتكراً لقب الهداف لثلاث سنوات متتالية وهو يدافع عن لقبه سنة رابعة، ومحققاً رقماً قياسياً في الأهداف لم يسبق لأي محلي أو أجنبي إنجازه، وعمر خربين أصبح  في فترة زمنية قياسية أهم لاعب في الهلال بطل الدوري والمتأهل للنهائي الآسيوي، أمّا فراس الخطيب فحدّث ولا حرج عن أرقامه وبطولاته وإنجازاته خلال سنوات طويلة في الكويت...