|


فهد عافت
أسرار سليمان المانع ومساعد الرشيدي!
2017-11-28

 

 

ما الذي يميّز لغة سليمان المانع؟!، كثير، أنتقي هذه المرّة، ميزة حضورها الدائم، دون استسلام لأي لهجة أُخرى غير لهجة صاحبها، ومن خلال هذه المغناطيسيّة "القبليّة" لمفردات سليمان المانع، تم جذب أكوان شعرية، وإنجاز تجربة إبداعيّة لا مثيل لها. لم تكن المفردة "الوايليّة" حاجزًا، ولا عائقًا، أمام تدفّق شعري يضم الكون بجناحيه!.

 

ـ ما الذي يميّز لغة مساعد الرشيدي ـ رحمه الله؟، كثير، أنتقي هذه المرّة، ميزة القدرة العجيبة والفائقة، على عجن كل اللهجات والخروج منها وبها إلى نص شعري رحب على نحو لا مثيل له،

 

ـ استفاد مساعد الرشيدي من كل رتم وإيقاع لكل اللهجات التي سكنته وحرّكها، بدءاً من مفردته "العبسيّة" الأصيلة ولا انتهاء..، شماليّ ترعرع في الجنوب واحتضن نجد واحتضنته في عناق حميم، عناق كان لا بد له من أنْ يصير أبديًّا فصار!.

 

ـ ليس هناك نموذج ثابت، جاهز، للخاصيّة الإبداعيّة، هذا ما أردتُ التأكيد عليه، كلاهما أبدع، وقدّم تجربته الشعريّة المتفرّدة، بناءً على مُجريات حياته، بدءًا من البيت ومرورًا بكل الدروب التي سارها، والأحداث والحكايات التي عاشها، وانتهاءً بإيمانه بموهبته وحلمه وبقدرته على الفصل والوصل في عجن كل شيء، كل شيء يخصّه، لخلق نموذج شعري يعمّنا بجماله، ويسهم في تشكيل وجداننا!،.

 

ـ كلاهما صبر كثيرًا على أدواته، وروّضها ليتمكن من كتابة قصائد جامحة!.

 

ـ النص الشعري، العمل الإبداعي، لا يُمكن لوجهة نظر نقديّة سابقة عليه، مطالبتها إيّاه الدخول في صندوقها، مهما كان الصندوق سحريًّا، ومهما تزركَشَت العُلْبَة!،.

 

ـ وقد لا يفتح مفتاح نقدي واحد بابَيْن معًا!،.

 

ـ مثل هذه الرغبات ليست من النقد في شيء، هي بالكاد تصلح لتشجيع فريقك الكروي بعاطفة "ميّالة" حدّ أنها لا ترى متعةً إلا فيه، عاطفة تشجيعية وليست نقدية تلك التي تسمح بنبذ الزوايا فيما عدا واحدة، حيث نفْس اللون وذات الشِّعار!.

 

ـ عندما يكون المُنجَز إبداعيًّا حقًّا، مستوفيًا لشروط الفن الأصيلة، ومتجاوزاً إيّاها من خِلالها، فإنه لا يصحّ بعدها القول بأنّ هذا المبدع أعظم من صاحبه، في الغالب لا تكون مثل هذه التعظيمات سوى ادّعاء ودعائيّة!.

 

ـ مقارنة شاعر مبدع بشاعر مبدع آخر، جائزة، وممكنة، لكنها جائزة وممكنة جَوَاز وإمكانيّة مقارنة شاعر مبدع بموسيقي مبدع أو رسّام مبدع أو روائي مبدع، وبذات الشروط التي تسمح للمقارنات والمقاربات بالحضور، دون هدم البناء الآخر، بل العكس:

 

ـ كل فهم نقدي، بتجليّاته كاشفة الحُسْن المَصُون، لأي عمل فني، في أي مجال فني، تنحني لا بتواضعٍ فحسب، بل بحنان أُمّ، فتحيط كل عمل فني آخر، في أي مجال فني آخر، بهدهدةٍ ساحرة!.

 

ـ نحن لو هَزَزْنا نخل تراثنا العربي النقدي الفخم، لتساقط رُطَبًا جَنَيّاً، كان حين يأتي الحديث عن المقارنة بين "أبوتمّام" و"المتنبّي"، وفُتِحت الأقواس بين الاسمين، لا تكون المفاضلة: هذا أعظم من هذا، وحتى إن جاءت فإنها تجيء تاليةً للطرح النقدي القادر على كشف السّر:

 

ـ أطيب ما قرأت عن مثل هذه المفاضلة، قولهم إنّ الطّائيّ مثل الملك العادل يضع الكلمة حيث موضعها، بينما المتنبّي مثل الملك البطّاش يقول للكلمة كوني هنا وهكذا.. فتكون!.

 

ـ جمهور الشعر الحقيقي، جمهور ندى لا أندية!.