|


فهد عافت
كيدهنّ عظيم!
2017-12-14

 

 

 

 

 

لا أدري إن كان بقيّة الزملاء في الكتابة اليوميّة، أو عدد منهم، مثلي في هذا الأمر أم لا، لكنني أكتب مقالتي اليوميّة بهذه الطريقة:

 

ـ على مدى اليوم كله، تقفز في رأسي أفكار، أسجّلها رؤوس أقلام، لدرجة أنني حين أرجع إليها في أوقات لاحقة، لا أتعرّف على بعضها، ولا أدري ما المقصود منه، ولماذا كتبته!.

 

ـ الخطوة الثانية، هي خطوة القراءة الصباحية، ما بين ساعة ونصف إلى ساعتين يوميًّا، قراءة متواصلة، لكنها غالبًا، ومع مهنة الكتابة اليوميّة لا تكون كذلك!.

 

ـ ففي أي لحظة من لحظات القراءة، كثيرًا ما تداهمني فكرة كتابة، تقفز من بين ما سبق لي تسجيله من رؤوس أقلام، أو فكرة جديدة بالمرّة!.

 

والذي يحدث غالبًا هو أنني أحاول تجاهلها، وتأجيلها إلى حين الانتهاء من القراءة!.

 

ـ على السطح يبدو ذلك احترامًا ومحبّةً لوقت القراءة، وهو أمر أظنه صحيحًا، لكنني أعرف أنني في العميق من الأمر، أنتظر ما تعوّدت عليه: تبدأ فكرة ما بالتمدّد والاستحواذ، وشيئًا فشيئًا، أفقد ميزة التركيز في القراءة، أتنبّه لعدم قدرتي على التّنبّه!، عندها "أعْفِتُ" طَرَفًا من صفحة الكتاب، لأستدل على مكان الوقوف، وأُغلق الكتاب، وأبدأ الكتابة!.

 

ـ الغريب أنه وفي مرّات كثيرة جدًّا، لا تكون الفكرة المحفوظة كرأس قلم، والتي استحوذت على تفكيري قبل قليل، هي ذاتها الفكرة التي أكتب عنها ومنها!، بل فكرة أخرى مسجّلة أيضًا كرأس قلم، أو جديدة لم تخطر في البال من قبل، أبتسم لذلك وأهز رأسي وأقول: كيد الأفكار عظيم!،..

 

ـ تُرسِل فكرةٌ صاحبتها فقط لإشغالي عن القراءة، وما أن أطوي الكتاب، حتى تتبخّر تاركةً المكان لصاحبتها، التي ربما لو جاءتني أولًا، وفي هذا الوقت بالذات، لتمكّنتُ من تجاهلها وإتمام القراءة!.

 

ـ فكرة هذه المقالة نفسها، قفزَتْ فجأة، وسالت تداعياتها فجأة، وكنت أظنّها ستكون فقرة من سطر أو سطرين، لكن وبما أنها اتّسَعَت وطالت إلى هذا الحد الذي صار من الصعب التراجع عنه!، فلأعتذر لكم عن احتمال غياب أي فائدة مرجوّة من الموضوع، ولأُكمِل:

 

ـ أنا من جيل الحبر والورق، لا أقدر على ملاعبة الكلمات إلّا وهي تسيل من حبر على ورق!، هذه ليست ميزة طبعًا، لكنني لا أعدّها عيبًا أبدًا!، وأكتفي بتسميتها: طريقة!، وإن كان لا بدّ من الاختيار فهي ميزة!.

 

ـ أخط على الورقة، وأتعامل مع الأوراق على أنها ساحة ملعب، في كل مقالة، وفي أي كتابة، أشعر أنني أعوّض هوايتي الأبديّة، وموهبتي "المخذولة" كلاعب كرة قدم!، وأستمتع بلعب مباراة من نوع آخر: كرة قلَم!.

 

ـ أكتب، أشطب، أضيف، أحذف، أنتقي، أُسقِط، أخط فاصلةً وعلامة تعجبٍ ونقطة، هي ذاتها أركض، أدافع، "أُجَنِّح"!، أُراوغ، أُمَرِّر، أرفع، أُسجِّل!.

 

ـ وما أكثر الأخطاء لي وعليّ، وما أكثر التّسلّلات!، وما أكثر المرح!.

 

ـ بعد الانتهاء من المقالة، أرجع إليها، أقرأها مرّة أو مرّتين، وأنتقي عنوانًا لها، أو أغيّر العنوان الأول بآخر، أو أُبقيه، في الغالب لا أضع عنوانًا للمقالة إلا بعد الانتهاء منها!.

 

ـ وما أُرسله للنشر، هو فقط تلك المباريات التي حكمت لنفسي بالفوز فيها وكسب نقاطها، التعادلات تؤجَّل، والخسائر كذلك أو تُلغى!.

 

ـ وأتعامل مع ردود الفعل، بالبساطة ذاتها، فمن لا تعجبه مقالة لي، فقد حَكَمَ عليّ بخسارة المباراة، وحكمه صحيح، ومن أعجبته المقالة فقد حَكَم لي بكسب المباراة، فوافق حكمه حكمي!، وهناك من يعجبهم المستوى لكنهم يحكمون بخسارتي للنتيجة، وهناك من يقرّون بفوزي في المباراة لكنهم يحكمون بضعف المستوى، والحق معهم ولهم جميعًا!،.

 

ـ حكم القارئ صحيح غالبًا.. وأصحّ دائمًا!.

 

ـ بالمناسبة، والشيء بالشيء يُذكر: من اختار لهذه الزاوية اسم "بلكونة"، هو المعلّق المبدع "فارس عوض"!.

 

ـ أنتهي إلى القول بامتنانٍ لم يسبق لي أنْ وصلتُ إليه إلّا معكم يا أحبة في هذه الزاوية تحديدًا:

لم يكن لي نشر مثل هذه التداعيات، وهذا البوح، الذي قد يبدو أنه بلا فائدة، لولا أنكم غمرتموني دائمًا بفضلكم ونبلكم وطيب صحبتكم، هنالك قرّاء تشعر فعلًا أنهم "مكافأة نهاية الخدمة"!، أسعدكم الله بالخير كله.. اللهم آمين.