|


وحيد بغدادي
البطولة الصيفية.. في رمضان!!
2017-05-25

بالأمس القريب بدأت بطولة كأس العالم للشباب 2017 في كوريا الشمالية، وبمشاركة منتخبنا الوطني تحت 20 سنة.. وما هي إلا أيام قلائل وتلعب مباريات الإياب لدور الـ16 الآسيوية، بمشاركة الهلال والأهلي، ويترقب العالم نهائي دوري أبطال أوروبا بين ريال مدريد ويوفنتوس.. حيث تحضر الإثارة والحماس ولكن!! البطولات الحقيقة هي بتكرار ختم القرآن واستشعار عظمة أجر الصيام والقيام في رمضان.. المباريات يمكن مشاهدتها بالإعادة لاحقاً، بينما شهر الخير قد يكون فرصة أخيرة للبعض، فمن يدري هل سيعيش غداً.. وإذا كان لا بد من المتابعة؛ فلنجدول أوقاتنا لمشاهدة بعضها وليس الكل؛ حتى لا تفوتنا البطولات الحقيقية في شهر يحمل بين طياته ليلة (خير) من ألف شهر.


بعضهم يسهر طوال الليل.. يقلب عينيه بين القنوات ليتابع آخر المسلسلات والمسابقات والبرامج، بل حتى الإعادة قد لا تفوته وحتى ساعات الفجر!! ثم ينام كما ينام البعير بعد انقضاضه على مائدة السحور، وهو يلتهم الطعام التهاماً، وكأنه في معركة ثأرية.. وبعضهم للأسف يتعامل مع وجبة السحور وكأنها الوجبة الأخيرة في حياته، أو أنها بداية حرمان لسنوات مقبلة.. ثم ينام صاحبنا لساعات طويلة ليستيقظ ورأسه ثقيل بثقل معدته.. وإن فكر في الصلاة فإنه ينقرها كنقر الغراب، وقد يصلي الظهر مع العصر.. ويخرج بعد ذلك من بيته سريعاً لشراء متطلبات وجبة الإفطار، وهو يشتم هذا ويلعن ذاك، وقد يتسبب في وفاة عائلة بعد حادث مروع بسبب قيادته المتهورة.. ويستمر صاحبنا يومياً في تكرار نفسه وكأنه مخزن للطعام، وكل ما يقوم به خلال الشهر هو تعبئة هذا الوعاء وهذه المعدة داخل جسم أجوف بلا هدف.. وينتهي الشهر وقد فاته الكثير، ولم يدرك أي شيء من الشهر سوى دعوة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "... رغم أنف امرئ أدرك رمضان ولم يغفر له".


التوتر والعصبية في رمضان.. أصبحا صفة سائدة ومعتادة، والغالبية ـ إلا من رحم الله ـ يكونون خارج النص، والعذر المكرر "ياخي صايم".. يشتم ويصرخ ولا يسلم من شره قريب أو بعيد، والسبب "صايم.. لا تكلمني".. يقود سيارته بسرعة وتهور، وقد يتجاوز الآخرين بخطورة، والسبب "صايم وما له خلق".. الوجه عبوس ومتجهم، ومن النادر جداً أن تشاهد ابتسامة رمضانية، والسبب "الأخ صايم.. وزهقان".. الأخلاق تصل إلى أسوأ درجة من الانحدار الأخلاقي، وإذا خاطبته فررت منه، ووليت منه رعبًا؛ لما يظهر عليه منَ الغضب الشديد.. ثم إذا رجع إليه رشده اعتذر عما بدر منه وقال: "إني صائم".. أصبحنا نعلق سوء تعاملنا مع رمضان وننسب أفعالنا للصيام.. بعضهم يتحجج بالصيام وكأنه هو الصائم الوحيد، وأن جميع من حوله مفطرون؛ فخسر روحانية الشهر، ولم يبق له من أجر الصيام إلا الجوع والعطش.. للأسف كان الصوم دافعاً للتسامح وحسن الخلق، فيما ظلم بعض البشر شهرنا المبارك وقلب المعادلة، وجعل منه شهراً للإساءة للآخرين.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائمٌ"، رواه البخاري.. اللهم كما بلغتنا رمضان فاشملنا بعفوك وكرمك ومغفرتك ورحمتك يا كريم.. وكل عام وأنتم بخير.