|


سعد المهدي
شجع بجنون... أنت لست متعصبا
2017-01-05

كل الذين يقولون عنك أو عن آخر يعيش تفاصيل المجتمع الرياضي ـ انت متعصب أو موضوعي ـ أو أي وصف تطرب له أو تغضب منه لا تعره أي اهتمام، ولا تبني عليه علاقتك بهذه الأطراف، فالكل في حالة تشويش والتباس والسبب أن لا أحد بعد قد تمكن من الفصل بين ما إذا كان هذا الذي يحرك الجميع إيمان يقيني بحقائق مسلم بها، أم مشاعر عاطفيه وهوى نفس. 

 

 

ما الذي يمكن أن يجعل أي مشجع منصفا في حكمه على الأشياء ذات العلاقة بناديه؟ والجواب لا يوجد، أما السبب فهو أنه لا يقف في الوسط الذي يمكنه أن يحكم بعدل، لكن ذلك ليس خطأ حيث أنه فعلا لا يجب أن يكون في نقطة المنتصف لأن دوره غير ذلك فهو في الأصل بنى علاقته مع ناديه على الولاء الكامل غير المشروط وهذا قانون التشجيع الكروي.

 

 

لكن هل يمكن لذلك أن يخل بشروط التنافس؟ أعتقد (لا)، إذا هل يمكن أن يضر بعدالة المنافسة؟ أيضا (لا) والسبب أن كلا الأمرين معهودان لجهات التنظيم التي يمكن لها أن تحمي ذلك، إذا لماذا الانزعاج من حماسة واندفاع الجماهير خلف كل ما يخص أنديتها ،وماذا يمكن أن يبقى بها من علاقه لو عادت خطوات للخلف وراقبت المشهد بعقلانية وحياد، وما تأثيره على الجدوى الترفيهية الترويحية النفسية والاقتصادية الاستثمارية؟.

 

مشجعو الأندية ليس من مسؤولياتهم كبح جنون العاطفة، ولا لجم الحماسة والهوس، هذه بعض المحفزات التي تجعل منهم مستهلكين للفعل الرياضي، ومن بين أهم الحلول المناسبة التي يمكن عن طريقها تفريغ الطاقات المكتنزة في دواخلهم عبر الانفعال والتعبير عنها بطرق مختلفة والاندفاع خلف اقتناء ما تنتجه وتسوق له من منتجات، إلا أن طرفا آخر يظهر ويختفي رافعا تجاه ذلك شعار (لا للتعصب) دون أن يثبت حتى الآن أن التشجيع المطلق للنادي وحتى عدم القبول بهزيمته هو تعصب يجب الإقلاع عنه.

 

 

فقدان الأعصاب الظرفي الذي يجعل الفرد يتصرف بغير إرادته الكاملة وقد يعود للاعتذار أوالندم تتم عند الغضب أو الابتهاج، حيث تتبع الحالتان ما يتوافق معهما من حركة أو قول، لكنها غير مستقرة في الوجدان أو العقل بحيث تصبح قاعدة ينطلق منها في كل الحالات، هي ليست مثل تلك التي يعيشها (المتعصب) الذي تأسست داخله فكرة الرفض والإقصاء، والحقيقة المطلقة والتفسخ من كل القيود التي تنظم علاقته بالآخرين والتضحية بكل شيء، هذا لا يتوفر في المهووس الرياضي.

 

 

أسهمت عبارة فلان متعصب لناديه من حالة (العصبية) التي يكون عليها في طريقة تشجيعه أو نقاشه إلى تموضع مفردة (التعصب) و(متعصب) في وسط كل نقاش حول الرياضة، وهو التوصيف غير الدقيق إن لم أقل غير الصحيح، ما تسبب في جعل البعض يتحاشى التعبير عن مشاعره تجاه النادي الذي يميل وينتمي إليه أو حتى تبرئه من الرياضة برمتها خوفا من نعته بالمتعصب ،هذا له تداعيات سلبية على الفرد والأندية والحراك والحركة الرياضية.

 

إظهار مشاعر الانتماء والمناصرة يجب أن تكون في أقصى درجاتها وضبطها، مسألة تعنى بها جهات الاختصاص، طبعا حق المجاهرة لا يشترك فيه من تحكم ظروف الوظيفة أو المهنة أو المقام أن يكون على الحياد حيث يفترض أن ينأى بنفسه عن ذلك خلال أداء مهامه، لكن دون أن يحرم منها بعيدا عنها.